الثلاثاء، 26 فبراير 2013

قراءة للناقد والفنان التشكيلي محمد سعود لأعمال النحات فهد الأزوري


 


الناقد محمد سعود


 



النحات فهد الأزوري

 النحات فهد الازوري يتخذ من الصخر مادته الأولية لأعماله الفنية ، واختيار هذه المادة بالضبط لها ارتباط بالبيئة التي عاش فيها ، حيث كان الصخر مادة للاشتغال منذ غابر العصور، وورد ذكره في القران الكريم في قوله تعالى " وثمود الذين جابوا الصخر بالواد " ( سورة الفجر : الآية 9) وإذ كان الصخر هنا اتخذ بعدا معماريا تم تأكيده في القرآن الكريم في قوله تعالى : "وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا امنين " فان الصخر عند الفنان الازوري تم تطويعه ليتحول إلى مادة فنية ، وقليلا ما نجد في العربية السعودية نحاتين وذلك لارتباط هذا الفن بحساسيات دينية ،حيث ارتبط في مجمله بالأوثان ، ولهذا السبب نجد الفنان الازوري يراعي هذه الحساسية وتجد أعماله تنحو نحو التجريد ، و تتحرر من منح الكتلة بعدا بصريا يتخذ شكل جسد مألوف.. هذه الرغبة في التحرر ليست مطلقة ولم يستطع أن يفك ارتباطها بها ، فجل المنحوتات وإن ساد الاعتقاد أنها تجريدية فان ملامح التجسيد حاضرة وبنوع من الحذر الشديد ..وبهذا تحضر ثنائية التجريد والتشخيص كما تظهر ثنائيات أخرى هي نوع من المزاوجة الفنية بين الأملس والخشن والانسيابي والحاد ، واللون الأصلي للمادة ولون الصباغة ، هذه المزاوجة التي لا تخلو منها أعماله تعتبر ميزة في منحوتاته الشبه التجريدية والمشحونة بالدلالات التعبيرية، وإن كان أصلا لا يعتمد على موضوع في منحوتاته فإنه يحاول نقل شعوره الصافي الذي تتفتق منه العديد من الرموز والدلالات الثاوية عمق الفنان وينقلها لاشعوريا إلى تلك الكتل الجامدة في المكان والمتحركة في الزمن ـ لأنه كل مرة قد توحي لك بفكرة أو تكتشف شيء غاب عنك في لحظة من لحظات التأمل ، ويبذل جهدا كبير في تطويرها لتصبح أكثر نضجا وذلك بعدم تكرارها ، لأن اخطر شيء يواجه النحت هو النمطية والأعمال المتشابهة ، وهذا ما انتبه إليه النحات الفرنسي أوغست رودان الذي أحدث ثورة في عالم النحت حين لاحظ أن معظم المنحوتات المنصوبة في الأماكن العامة متشابهة وتختلف فقط في بعض التفاصيل تبقى أعمال الفنان فهد الازوري وثبة نحو مستقبل النحت في العربية السعودية التي تسجل حضورا خجولا في هذا الفن إضافة إلى الكثير من البلدان العربية .. كما أن منحوتاته يمكن لها أن تساهم في تأثيث فضاءات داخلية للمعمار ، وتضفي عليها طابعا فنيا وتجرد فن المعمار من وظيفته النفعية .




 

0 التعليقات: